فصل: حكمة مشروعيتها:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لباب اللباب في بيان ما تضمنته أبواب الكتاب من الأركان والشروط والموانع والأسباب



.السبب الثاني: الكتابة:

وهو مشتق من الأجل المضروب لنجومها والكتابة هي الأجل قال عز من قائل: {ولها كتاب معلوم} [الحجر: 4]، أي: أجل مقدر ومنه قيل كاتب عبده أي وأجله على ذلك.

.حكمها:

الندب وقيل الإباحة.

.حكمة مشروعيتها:

مصلحة السيد والعبد ولا يجبر السيد عبده عليها على المشهور.

.أركانها:

أربعة:

.الأول: المكاتِب:

بكسر التاء وكل من جاز عتقه جازت كتابته وقد تجوز ممن لا يصح عتقه فإن المكاتب يكاتب عبده على وجه النظر وابتغاء الفضل، والمريض إن كاتب عبده وقيمته أكثر من الثلث خير الورثة في إمضاء ذلك أو عتق ما حمل الثلث منه بتلا، وكذلك وصيته بكتابته ولو كاتبه بغير محاباة صحت كالبيع.

.الثاني: المكاتَب:

بفتح التاء وهو كل من فيه شائبة رق فتجوز كتابة أم الولد برضاها، ولا تجوز بغير رضاها إذ لا سعاية عليها فإن مات السيد قبل الأداء سقطت وعتقت، ولو تعجلت العتق على مال في ذمتها لم يسقط بموت السيد. ثم حيث أجزنا الكتابة فإنما نجيزها بثلاثة شروط:
الأول: أن يكون قويًا على الأداء، وقد كره مالك كتابة من لا حرفة له، وقال ابن القاسم: يجوز وإن كان يسأل الناس. وفي الصغير روايتان وبالجواز قال ابن القاسم، وقال أشهب: يفسخ ما لم تفت بالأداء، أو يكون له مال فيؤخذ منه ويعتق قال عنه الدمياطي: وابن عشرة أعوام صغير فإن زاد عليها زيادة بينة أمكن أن تجوز كتابته.
الثاني: رضاه على أحد القولين.
الثالث: أن يكاتبه كله فإن كاتب بعضه لم يجز إلا أن يكون بقيته حرًا ويزاد في كتابة الشرطين شرط رابع وهو أن يكون في عقد واحد وأن يتساويا في القدر وفي النجوم فإن كان العقد مفرقًا ولم يعلم أحدهما بما فعل الآخر فثلاثة قال ابن القاسم: لا تجوز، وقيل: إن وافق الأول في النجوم والمال جاز وإلا فلا وقيل: إن رضي صاحب الكتابة بإسقاطها أو رضي المكاتب أن يزيد الآخر مثلها جازت.

.الثالث: العوض:

وكل ما صح أن يكون صداقًا صح أن يكون عوضًا في الكتابة، ولا يصح بما لا يصح تملكه كالخمر ويرجع بقيمته ولا يفسخ ويكره بالغرر كآبق، وشارد، وجنين، ودين على غائب لا يعلم حياته ولا يعتق حتى يقبض السيد ما شرط. والتأجيل في العوض من حق العبد.
قال مالك: ولو كاتبه على ألف درهم، ولم يذكر أجلاً نجمت عليه بقدر سعاية مثله، وإن كره السيد قال الأستاذ أبو بكر: وظاهر قول مالك هذا أن التأجيل شرط في الكتابة، قال: وعلماؤنا النظار يجيزون الكتابة الحالة ويسمونها القطاعة وهو القياس.

.الرابع: الصيغة:

وهو لفظ أو ما يقوم مقامه يدل على العتق على مال منجم ولو قال أنت حر وعليك كذا ألزم العتق، وفي لزوم المال قولان لمالك، وابن القاسم ولو كان ذلك برضاء العبد وعليه أعتقه لزمه بلا خلاف ولو قال: أنت حر على أن عليك ألفا فأربعة قال مالك: يلزم العتق والمال، وقال ابن القاسم في العتبية: يخير العبد في العتق والتزام المال فإن لم يلتزمه بقي رقيقًا، وقيل: يخير العبد في القبول فلا يعتق إلا بالأداء أو الرد فيبقى رقيقًا وهذا تأوله بعضهم على ابن القاسم، وقال أصبغ: لا خيار للعبد ولا يعتق حتى دفع المال والمكاتب محجور عليه إلا فيما يعود إلى تحصيل المالية في الحضر دون السفر قال مالك: وحكمه حكم الأرقاء حتى يؤدي ما عليه وليس لسيده بيع رقيقه ويرد ما لم يعجزه أو يعتقه المبتاع فيمضي وولاؤه لمعتقه قال سحنون: وهذا إذا كان المكاتب راضيًا بالتعجيز، وقيل: يرد وينقض العتق وقاله أشهب.
قال أشهب: وهذا إذا لم يعلم بالبيع وهو عبد ما بقى عليه درهم فلا يعتق إلا بأداء جميع نجومه وبالإبراء والاعتياض ولو قال: إن أديت إلى بعض نجومك معجلاً أبريتك من الباقي ففعل صح الإبراء والعتق ولو فسخ ما عليه من نوعه أو غير نوعه بزيادة أو فسخ دنانير في دراهم على تعجيل العتق جاز؛ لأن الكتابة ليست بدين ثابت، وإذا غاب المكاتب وقت الحلول فلسيده فسخ كتابته ولكن عند السلطان ويتلوم له بقدر ما يراه كما يتلوم له إذا أقر بالعجز ابن القاسم. وإذا أشهد أنه عجزه لغيبه ثم قدم بنجومه التي حلت فهو على كتابته ولو امتنع من الأداء مع القدرة أخذت منه، وقال ابن نافع وابن كنانة: له تعجيز نفسه وأما إن لم يكن له مال فله تعجيز نفسه، وقال سحنون: لا يجوز ذلك إلا عند الإمام وإذا جنى المكاتب عمدًا أو خطأ فإن أدى جميع العقد حالاً وإلا عجز وخير سيده في إسلامه رقيقًا أو يفديه بالأرش ويبقى له رقيقًا ابن القاسم، وله بيع أم ولده في جنايته إن خاف العجز كما له بيعها إن عجز عن الكتابة.

.السبب الثالث: التدبير:

وهو في اللغة مأخوذ من إدبار الحياة ودبر كل شيء ما وراءه بسكون الباء وضمها والجارحة بالضم لا غير.
وحقيقته شرعًا: عبارة عن عتق معلق على موت العاقد على غير وجه الوصية.

.حكمه:

الندب ابتداء واللزوم إذا وقع.

.حكمة مشروعيته:

كالعتق.

.أركانه:

ثلاثة: المدبِّر، والمدبَّر والصيغة.

.الأول: المدبِّر:

وكل من صح عتقه صح تدبيره، ويصح من المميز ولا ينفذ من السفيه.

.الثاني: المدبَّر:

وهو كل من فيه شائبة رق وإن كان جنينًا، قال ابن القاسم: إذا دبر ما في بطن أمته لا يكن له بيعها.

.الثالث: الصيغة:

نحو دبرتك وأنت حر عن دبر مني وأنت حر إذا مت أو إن مات فلان فأنت حر بعد موتي، وما أشبه ذلك وليس له رجوع ولو صرح بالوصية لكان له الرجوع كقوله إذا مت من مرضي فأعتقوا عبدي فلانًا ولا يباع المدبر ولا يوهب خلافًا للشافعي ويفسخ إن وقع فإن لم يعلم ببيعه حتى مات سيده وظهر عليه دين محيط بماله لم يفسخ وإلا فسخ فإن لم يترك غير ثمنه عتق ثلثه وكان للمبتاع الرد لضرر العتق فيه إلا أن يكون علم يوم الشراء أنه مدبر فلا حجة له قاله محمد ولو لحق السيد دين قبل التدبير فقال مالك: يباع فيه المدبر كما يباع فيه المعتق ولا يباع في دين بعد التدبير ويباع بعد الموت إن اغترقه الدين سواء كان قبله أو بعده ويجوز بيع المدبر من نفسه.

.[أسباب التدبير:]

وللتدبير ستة أسباب:

.الأول: استغراق الدين كما تقدم.

.الثاني: قتله لسيده عمدًا فإذا عفى عنه رجع رقيقًا.

.الثالث: مجاوزة الثلث:

وهذا راجع لكمال الحرية لا لأصلها فإذا دبر عبدًا ولا مال له غيره عتق ثلثه بموته.

.الرابع: بيع المدبرة وحملها من المبتاع:

لأنها انتقلت لما هو أعلى كعتقه لها.

.الخامس: قتل الأجنبي له:

بدليل أن سيده يأخذ منه قيمته وما جنى عليه فعقله لسيده، وليس ذلك كماله قال: ومهر المدبرة كمالها، وهي أحق به بعد موت السيد وغلتها وعقلها لسيدها.

.السادس: قتله لسيده عمدًا:

فيعفى عنه فإنه يرجع رقًا وإن قتله خطأ عتق في ثلثها له دون ثلث الدية، وتؤخذ منه الدية فإن عجز ماله عنها أتبع بها دينًا وللسيد انتزاع مال المدبر ما لم تحضره الوفاة أو يفلس، وليس للغرماء انتزاعه، وله أن ينتزع ماله المتعلق إلى أجل ما لم يقرب الأجل ولم ير السنة قربًا، وتقوم المدبرة بعد موت سيدها من مالها فإذا حملها الثلث عتق ويتبعها مالها ولو لم يحمل إلا نصفها عتق نصفها خاصة وبقي مالها بيدها وإن دبر جماعة، وضاق الثلث قدم الأول فالأول، فإن دبرهم في كلمة واحدة تحاصصوا في الثلث بلا سهم بخلاف المبتلين في المرض أولئك يقرع بينهم. ابن القاسم. فإن كان عليه دين بيع الآخر فالآخر فإذا انقضى عتق الباقون الأول فالأول إلى تمام ثلث ما بقى.

.السبب الرابع: إيلاد الأمة:

وهو موجب لحريتها بموت سيدها خلافًا لأبي حنيفة وسواء كان الولد حيًا أو ميتًا مضغة أو علقة ثم حيث قلنا بذلك فإنما نقوله إذا وطئها بملك أو شبهة ملك أو شبهة نكاح فأما إذا ولدت منه بوطء النكاح مثل أن يتزوج أمة فتلد منه ثم يشتريها فإنها لا تكون له أم ولد إلا أن يشتريها وهي حامل فتكون له أم ولد، وكذلك إذا زنى بها فولدت فإنها لا تكون له أم ولد، وإن اشتراها وعليه الحد وشبهة الملك مثل أن يطأ جارية ابنه، وقد قال مالك: تقوم عليه وإن لم تحمل مليًا كان أو معسرًا ولا خيار للابن في ذلك، ثم إذا قومت جاز له وطؤها، قال سحنون: بعد الاستبراء ثم إن كانت حملت منه فهي أم ولد فإن كان قد أصابها عتقت، ولو لم تحمل وكان الابن وطئها، ولم تحمل منه حرم عليه وطؤها وجاز له بيعها، وشبهة النكاح مثل أن يتزوج حرة فيدخل عليه وليها أمة فتحمل منه، قال ابن المواز: تكون له أم ولد وعليه قيمته يوم حملت ثم الصادر من السيد إما إقرار وإما إنكار وإقراره بالولد مستلزم لإقراره بالوطء، وإذا أقر بالوطء لزمه ما أتت به لأمد لا ينقص عن ستة أشهر ولا يزيده على أكثر من مدة الحمل وسواء أتت به في حياته أو بعد مماته أو بعد أن أعتقها ثم إذا أقر بالولد في حياته في المرض الذي توفي منه والولد موجود كقوله هذا ولدي من هذه أو حملها مني أو يقول أصبتها فإن أتت بولد فهو مني فيقبل إقراره وإن لم يكن ذلك وإنما أقر بالإيلاء. مالك. إن أتت بولد قبل إقراره وإن ورث كلالة لم يقبل ولا يعتق في الثلث وقال أيضًا: لا يقبل وإن ورث فولد وإن كان صحيحًا ولم يكن معها ولد قبل إن كانت في ملكه ولم يكن عليه دين وإن كان عليه دين فرأى محمد إن أقر عند قيام الغرماء لم يقبل. ابن القاسم. ولو كان قد باعها رد البيع ما لم يتهم وكان موسرًا وإلا فلا. وإن صدر منه الإنكار للوطء صدق بلا يمين، وإن كانت رائعة وإن أقر به وأنكر الولادة وليس معه ولد وادعت عليه العلم حلف ولو كان غائبًا وقت ولادتها في زعمها مل يحلف، وقال عبد الملك: يقبل قولها حيًا كان السيد أو ميتًا، وإن كان قد باعها ولو شهدت امرأتان بولادتها فقال ابن القاسم: تكون أم ولد ومنعه سحنون إذا لم يكن معها ولد وقال محمد: يقبل قولها إذا صدقها جيرانها أو من حضر معها إذ ليس يحضر معها الثقات ولو كان معها ولد قبلت شهادة امرأتين على الولادة ولحق به نسب الولد ولو أنكر الوطء والولد معًا قبل قوله واختار اللخمي أن يحلف مطلقًا إن كانت من العلى ولو أقر بالوطء وادعى أنه لم يزن صدق ولو أقر بالوطء والولادة وادعى الاستبراء فقال في المدونة: له أن ينفيه وقيل لا وإذا قلنا بالنفي فقدره حيضة وقيل: ثلاثة ولا يمين عليه كدعوى العتق، وقيل: إن اتهم حلف أنه استبرأها فإن نكل لحق به الولد ولم ترد اليمين. ابن القاسم. ولو أتت أم الولد بولد فإن نفاه بالاستبراء انتفى وإلا لزمه ولو أعتقها أو مات عنها فأتت بولد لأمد يلحق فيه لزمه إلا أن يدعي الحي استبراء أو ينفي الولد وهو مصدق في الاستبراء، وإذا مات سيد أم الولد عتقت وتبعها مالها، قال ابن القاسم عن مالك: إذا كان بيدها حلي وثياب فهو لها إلا من المستنكر، وكذلك ما كان لها من ثياب إذا عرف أنها كانت تستمتع بها وتلبسها في حياته وإن لم تكن لها بينة على أصل العطية، ولو قال في وصيته إذا أقامت على ولدها فدعوا لها ما كان لها من حلي وكسوة وإن تزوجت فخذوه، فقال ابن القاسم عن مالك: ليس له ذلك وذلك لها وليس له في مرضه انتزاع ما كان أعطاها وكذلك المدبر، قال القاضي عياض: ولأمهات الأولاد أحكام الحرائر في سبعة أوجه وأحكام العبيد في أربعة، فأما أحكام الحرائر فلا خلاف عندنا أنهن لا يبعن في دين ولا غيره ولا يوهبن ولا يرهن ولا يؤاجرن، ولا يسلمن في جناية ولا يستسعين، وأما أحكام العبيد ففي انتزاع أموالهن ما لم يمرض السيد وفي إجبارهن على النكاح في أحد قولين وفي استخدامهن الخدمة الخفيفة وفي الاستمتاع بهن قال وولدها من سيدها قبل حملها منه رقيق وما ولدته بعد كونها أم ولد ففيه ثلاثة قال ربيعة: هو حر كولدها من سيدها، وقال الزهري: هو عبد، وقال مالك: هو بمنزلتها يعتق بعتقها من رأس المال لكن يجوز له استخدامه واستئجاره.
تنبيه:
إذا باع أم ولده على أنها حرة لم يرد البيع وولاؤه لسيدها وثمنها سائغ له كما لو أخذ مالاً على عتقها ولو باعها على أن يعتقها المبتاع ورد البيع ما لم يعتقها وولاؤها للبائع ويسوغ له الثمن ولو لم يعلم المبتاع أنها أم ولد لرجع بالثمن.

.السبب الخامس: المثلة:

وهي موجبة للعتق للحديث وشرط سببيتها أن تصدر من بالغ عاقل حر مسلم رشيد لا دين عليه فلا تعتق على صبي ولا مجنون واختلف في العبد والذمي والسفيه والمفلس، فقال أشهب: تعتق على العبد والولاء لسيده، وكذلك المولى عليه والسفيه والمديان؛ لأنها جناية حدها العتق، وقيل: لا عتق على مديان ولا عبد، وقال ابن القاسم: لا عتق على ذمي مثل بعبده النصراني إلا أن يمثل به بعد الإسلام قالا ولو كان معاهدًا أو حربيًا نزل أمان لم يعتق عليه إلا أن يمثل به بعد إسلام العبد. ابن القاسم يعتق على السفيه ولا يتبعه ماله، وقال ابن وهب: يتبعه ثم رجع ابن القاسم فقال: لا يعتق عليه، وقال: كل من جاز عتقه أعتق عليه ومن ليس فليس.
ويستوي في العتق بالمثلة القن ومن فيه شائبة كأم الولد والمعتق إلى أجل والمدبر ولو مثل بمكاتبه أو جرحه وكانت الجناية مثل ما عليه من الكتابة عجل عتقه وإن كانت أقل عتق بالمثلة وحاسبه في الجرح بأرشة من آخر نجومه ولو كانت الجناية أكثر من الكتابة اتبع المكاتب السيد بالفاضل ثم المثلة إن كانت بإزالة عضو أو فساده أو فعل به ما شوه خلقه وساء منظره، وكان ذلك لا يزول ولا يعود لهيئته وجب العتق والأدب الوجيع وإن كان الشيء يسيرًا أو كثيرًا يمكن إعادته لهيئته أو يبقى شيء يسير لم يعتق ثم حيث قلنا بالعتق، فإنما نقوله إذا كانت المثلة عمدًا على سبيل العذاب، فإن كانت خطأ أو عمدًا على سبيل المداوة أو شبيهة بالعمد مثل أن يحذف بالسيف فيصادف عضوًا فيقطعه فلا عتق. ابن القاسم. ولا يعتق إلا بالحكم وقال أشهب بالمثلة.
تنبيه:
قال سحنون: المعتق بالمثلة يتبعه ماله، وقال أصبغ: إن استثناه قبل الحكم وقبل أن يشرف عليه لم يتبعه.

.السبب السادس: السراية:

وإذا أعتق الرجل نصيبه في عبد قوم عليه بخمسة شروط:

.الأول: أن يكون المعتق مسلمًا:

فإذا كان الشريكان مسلمين توجه التقويم وإن كان العبد ذميًا، وإن كانا ذميين والعبد ذمي لم يقوم فإن كان مسلمًا فروايتان، وإن كان أحد الشريكين مسلمًا، فإن أعتق المسلم قوم عليه وإن أعتق الذمي فقولان التقويم لأشهب وابن الماجشون ومطرف، وعدمه في المختصر الكبير.

.الثاني: أن يكون موسرًا بمال:

يفضل عن قوته الأيام وكسوة ظهره، وقال أشهب: إنما يترك له ما يواريه لصلاته، وقال عبد الملك: يترك له ما لا يباع على المفلس ومن عليه دين بقدر ماله فهو معسر، والمريض معسر إلا في قدر الثلث، والميت معسر مطلقًا، فإذا قال: إذا مت فنصيبي حر لم يسر وقيل: يقوم في الثلث ولو كان موسرًا بالبعض سرى بذلك القدر ولو رضى الشريك باتباع ذمة المعسر لم يكن ذلك عند ابن القاسم، وفي الموازية له ذلك ولا يستسعى العبد في عسر المعتق إلا أن يتطوع سيده بذلك ولو رضى العبد بدفع ذلك من ماله فله ذلك وإذا حكم القاضي بسقوط التقويم لإعسار المعتق ثم أيسر لم يقوم وإن لم يدفع ذلك إلى الحاكم حتى أيسر في التقويم روايتان.

.الثالث: أن يحصل العتق باختياره:

أو لتسببه فلو اشترى نصف قريبه أو وهب له فقبله سرًا قوم عليه بخلاف الميراث.

.الرابع: أن يوجه العتق إلى نصيبه منه:

أو إلى الجميع فلو قال أعتقت نصيب شريكي لكان لغوًا.

.الخامس: أن يكون هو المبتدئ للتبعيض:

فلو كان بعضه حرًا لم يقوم ولو كانوا جماعة لكان التقويم على الأول وإذا تكاملت الشروط عجلت السراية في إحدى الروايتين وأظهر الروايتين أنها إنما تكون بالتقويم ودفع القيمة وعلى الأولى فتعتبر القيمة يوم العتق وعلى الثانية يوم الحكم فإن أعتق نصيبه ونصيب شريكه دفعه فيوم العتق.

.السبب السابع: القرابة:

والذي يعتق عليه من قرابته إذا ملكهم أصوله وإن علون وفصوله وإن سفلوا، وفصول أول أصوله الأعلين وهم الإخوة والأخوات. واحترزنا بالأعلين عن أبنائهم وألحق ابن وهب بذلك العم وروى أن كل ذي رحم محرم بالنسب ممن لو كان امرأة لم ينكحها يعتق بذلك وروى لا يعتق عليه لا أصوله وفصوله خاصة.

.اللواحق:

فيها فصلان:

.الأول: في الولاء:

وهو مأخوذ من الولي وهو القريب وهو ثابت لمن ثبت له ثواب العتق بأي وجه كان فيثبت لمن أعتق ناجزًا أو غير ناجز بعوض أو بغير عوض باشر العتق أو تسبب فيه ويثبت له ولاء عبده الكافر ويرثه إن مات مسلمًا فإن مات كافرًا وترك وارثًا فخمسه لبيت المال، لولده خاصة، لولده ووالده، لولده وأخوته، لكل من يرثه بالقرابة وهو مذهب المدونة. وإن لم يترك وارثًا فثلاثة، قال ابن القاسم: لجماعة المسلمين ولمولاه ولمن يطلب ميراثه من أهل دينه. ولو أعتق الكافر عبده المسلم فولاؤه للمسلمين ولا يرجع إليه إذا أسلم ولو أعتق الكافر عبده الكافر فأسلم ثم أسلم سيده فولاؤه له ولو مات قبل إسلام سيده ورثه اقرب الناس إلى سيده من المسلمين ولو قال لعبده: أنت سائبة، فقال ابن القاسم: يكره ذلك ابتداء فإن وقع وأراد به الحرية فولاؤه للمسلمين، وقال أصبغ: لا يكره كعتقه عبده عن غيره وهو حر وإن لم يرد الحرية، وقال ابن الماجشون: لا يجوز فإن فعل فولاؤه له ولو أعتق عبده على أن ولاءه لفلان فولاؤه له وشرطه باطل ولو قال أنت حر عن فلان وولاؤك لي فولاؤه لفلان وشرطه باطل وثمرة الولاء المنصرة ولذلك كان للعصبة دون النساء فلا ولاء لامرأة إلا ولاء من باشرت عتقه أو من جره ولاؤه أو عتق ويفيد ولاية النكاح وحمل العقل والميراث ويثبت الولاء بالإقرار فإن أقر أن فلانًا أعتقه وفلان يصدقه فولاؤه له وبالشهادة التامة دون الشاهد واليمين ولو شهد عدلان بأن هذا الميت مولى فلان لا يعلمون له وارثًا سواه لم تتم الشهادة حتى يقولا أنه أعتقه أو أعتق أباه ويشهدان على إقرار الميت بذلك، قال أشهب: وإن لم يقدر على كشف الشهيدين عن ذلك قضى له بالمال والولاء، قال ابن يونس: وهو وفاق لقول ابن القاسم، وإنما تكلم ابن القاسم على أنها حضور ولو شهد رجلان بالسماع بأن هذا الميت مولى فلان أعتقه تأنى الإمام فإن لم يأت له مستحق قضى له بالمال مع يمين الطالب، قال مالك: ولم يجز بذلك الولاء، قال أشهب: يكون له ولاؤه وولاء ولده بعد التأني ورواه عن مالك، وقال ابن القاسم عن مالك يؤخذ بذلك المال ولا يثبت له نسب ولا ولاء. ابن المواز. ولم يعجبنا ذلك وأكثر قول ابن القاسم وأشهب أنه يقضي بالسماع في الولاء والنسب، قال ابن القاسم: ولو شهد واحدة بالسماع لم يستحق من المال شيء.

.الفصل الثاني: في التنازع:

وإذا ادعى رجل حرية الأصل ولم يتقدم عليه حوز لم يكن لمدعي رقة مقال إلا بالشهادة ولم يكن له عليه يمين ولو قام له شاهد واحد حلف معه واستحقه وإن تقدم له عليه حوز وعرف ذلك لم يكن للعبد مقال، ولو قال العبد: أنا لفلان فهو لحائزه وإا ادعى على سيده أنه أعتقه لم تكن عليه يمين فإن قام للعبد شاهد حلف السيد، وكذلك إن قام له بذلك امرأتان وكذلك الأمة فإن أبى أن يحلف وقف على عبده وعن أمته، قال ابن القاسم وسجن فإن طال سجنه خلي سبيله ودين، ورأى مالك أنه يسجن أبدًا حتى يحلف وعن أيضًا أن السنة طول فيخرج عقبها، وإذا جحد السيد فاستغله زمانًا أو وطئ الجارية ثم ثبت العتق لم يرد الغلة، قال ابن القاسم: ولو أقر ردها ويحد في وطء الأمة، وقال أشهب: البينة كالإقرار إلا في الوطء، وقيل: حكمه حكم الحر مطلقًا فيرده الغلة ويؤدي أرش جرحه ويحد لقذفه ولو قال: أعتقتك أمس على مال، وقال العبد على غير مال فالقول قول العبد ويحلف وقال أشهب قول السيد.
وإذا تنازعا في أصل الكتابة أو التدبير فالحكم ما تقدم في العتق وإن تنازعا في قدر الكتابة ففي قبول قول السيد أو العبد قولان لأشهب وابن القاسم وإنما قبل ابن القاسم قوله إذا ادعى ما يشبه وإن اختلفا في حلول نجم فالقول قول المكاتب، وكذلك إن اختلفا في قدر الأنجم قاله ابن القاسم ولو اختلفا في التعجيل والتأجيل فالقول قوله أيضًا.